في يوم الجمعة ، وكما حرصت فيما استطعت أن أبكر للصلاة وللخطبة ، وأسابق على أجر الصف الأول والتبكير .
ما أن أوقفت سيارتي بجوار جامع الحي ، إذ بي أرى سائق شيخي حفظه الله ، وهو يمشى إلى المسجد . قلت : فرصة أقابل الشيخ بأذن الله ، وأحضى بالسلام عليه وتهنئته بسلامة الوصول من سفره .
دخلت المسجد جلست أنظر أين شيخي؟ رأيته يصلي أمامي . أزداد فرحي برؤيته .
فلما أنهيت صلاتي ، أقبلت عليه مسلماً ، فما أن رفع رأسه ليرى من يسلم ، قبلت رأسه ، وهو في خشوع ودموع منظر قد عهدتي من شيخي أطال الله عمره على الطاعة .
جلست بجواره ، أخذت أفكر بوالدي ووالدتي المتوفين ( رحمهما الله تعالى ) . كم أنا مشتاق لهما ، ولمجالستهما وتقبيلهما . حمدت ربي على قضاءه وقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله ، و إنا لله وإنا إليه راجعون .
فكرت فيما سيقوله الخطيب اليوم ؟! وهل ستكون خطبته متميزة ؟
كتميز يوم الجمعة وتميز الحضور .
بدأ الخطيب بالسلام ، وحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأوصنا بتقوى الله في ( صلة الأرحام ) .
تبادر لذهني صور كثيرة عن هذا الموضوع ، وتحرك قلبي بردات أعلم مداها .
صورة : والدتي المتوفاه ( رحمها الله ) وأنا صغير بالسن ؛ كيف أبرها بعد موتها .
صورة : والدي ( رحمه الله ) ، أخي أختي ( رحمهما الله ) أبناء أختي ( حفظهم الله من كل سوء) كم أنا مقصر في حقهم .
صورة : جدتي { أم أمي } على قيد الحياة ؛ لا أعلم عنها شيء .
صورة : عماتي .
صورة : أخوالي خالاتي ، وما جرى منهم ونحن صغار ، وما يدمي القلب من أكبرهم ونحن كبار .
صورة : كثير من الخطب ، و الدروس ، والمحاظرات ، والكلمات والمواعظ بالمساجد عن صلة الأرحام .
قرأ الخطيب قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) .
وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) .
وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) .
خشع قلبي وانكسر ، سكنت جوراحي ، خوفاً ورهبتاً